This story [1] was originally published on OpenDemocracy.net/en/.
License: Creative Commons 4.0 - Attributions/No Derivities/
international.
--------------------------------------------------------------
سوريا: نهاية العام الأسوأ دون انتهاء المعاناة
By: []
Date: None
(هذا المقال ينشر بالتعاون والشراكة بين حكاية ما انحكت وموقع نوى على أوبن ديموكراسي ووحدة الأبحاث عن الصراع والمجتمع المدني لدى كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية)
معاناة تتحدى الخوف
"لو كان الأمر متعلقاً بي أنا فقط لما اكترثت، لكن عندما يصل الأمر لرؤية أولادي يتضورون جوعاً؛ كوني على ثقة بأنني على استعداد لأن أقتل، نعم أن أقتل، فلا أصعب من أب يعجز عن إطعام أطفاله وتدفئتهم".
يقول سائق سيارة أجرة في دمشق هذه الكلمات، ليتركني ذاهلة عاجزة عن الإجابة إلا بعبارة "الله يفرج"، وهي العبارة التي نستخدمها عندما لا تسعفنا الكلمات بالعثور على أجوبة شافية. والحقيقة إن التعبير عن حال هذا الرجل وغيره من السوريين اليوم يكاد يكون مهمة مستحيلة، وهم يعيشون بمعظمهم ضغوطاً اقتصادية واجتماعية ونفسية غير مسبوقة.
ظنّ السوريون أن الشتاء الفائت كان تجربتهم الأصعب على الإطلاق مذ بدأت الانتفاضة ثم الحرب في سوريا، حيث عاشوا أزمات خانقة بما يخص الوقود والكهرباء، وقضوا أياماً طويلة في انتظار الحصول على ما يعينهم على تدفئة منازلهم، ولكن أملهم بأن تكون تجربتهم تلك هي التجربة الأخيرة تبدّد مع بداية فصل الشتاء الحالي، إذ لا يختلف اثنان اليوم في سوريا على أن ما تعيشه البلاد الآن هو الأسوأ على الإطلاق. والتململ الذي كان يكتمه الخوف في الصدور بات يخرج بشكل كلمات هامسة في الأحاديث العائلية والجلسات المغلقة، ولم ينجح الخوف في كبح جماحه إذ راحت تلك الهمسات تنتشر رويداً رويداً في أرجاء البلاد حتى باتت حديث الشارع وسيارات الأجرة والمحلات والمقاهي وداخل المنازل.
أزمات متتالية
بمراجعة بسيطة تأخذ الأزمات في عام 2019 شكل منحنٍ بياني، فيه نقاط ذروة تعبّر عن الأزمات الخانقة التي عشناها، في حين تمثّل النقاط الأخرى الفترات الاعتيادية، التي لم نختبر فيها أزمات معينة، واعتقدنا أننا نعيش حياة طبيعية إلى حدّ ما.
أما نقاط الذروة فما هي إلا أزمة الغاز، وأزمة وقود التدفئة، والأسوأ من ذلك كله كانت أزمة وقود السيارات التي بدأت في شهر نيسان/ إبريل 2019، وشلّت الحركة بشكل كامل في معظم البلاد. وفي نهاية العام تبرز ذروة حادة وواضحة للغاية، بدأت قبل أشهر بالتزامن مع اندلاع الانتفاضة في لبنان المجاور، ولا تزال مستمرة حتى اليوم، حيث تظهر آثارها واضحة على الحياة اليومية وتفاصيلها.
لقد شكّل لبنان بالنسبة للسوريين خلال السنوات الأخيرة ملاذاً اقتصادياً على درجة كبيرة من الأهمية، فهو البلد المجاور الوحيد الذي بقي الوصول إليه سهلاً وآمناً، ولم يدخل بدائرة الاضطرابات التي اجتاحت المنطقة منذ عام 2011، ولذلك اعتمد السوريون بشكل كبير على لبنان في الكثير من مفاصل حياتهم.
ويُضاف إلى ما سبق، نزوح قرابة مليون سوري إلى مختلف المناطق اللبنانية هرباً من ويلات الحرب والقمع، وإيداع الآلاف من السوريين نقودهم في المصارف اللبنانية التي اعتبروها أكثر استقراراً من مثيلاتها السورية. كما شكّل لبنان بوابة لتحويل أموال السوريين المستفيدين من إمكانية التعامل فيه بالدولار الأمريكي، وهو الأمر الصعب في سوريا بسبب العقوبات والقوانين، حيث يتعذر تحويل الأموال واستلامها بغير العملة المحلية "الليرة السورية"، وبسعر الصرف الرسمي الذي يقلّ عن سعر صرف السوق السوداء بمقدار النصف، الأمر الذي يشكّل خسارات كبيرة بما يخصّ الحوالات القادمة من خارج البلاد.
كما لا يغيب في هذا المقام اعتماد السوريين على الأسواق اللبنانية للحصول على مختلف أنواع البضائع والمواد الغذائية والأدوية، مستفيدين من انفتاح تلك الأسواق مقارنة بالأسواق السورية التي لا تتوافر فيها إلا البضائع محلية الصنع ومنخفضة الجودة في معظم الأحيان. بل إن الوقود القادم من لبنان وهو البلد غير النفطي، بات واحداً من الحلول التي اعتمد عليها كثير من السوريين لمواجهة أزمة الوقود.
والأزمة الأخيرة هي الأسوأ
تدهورت الأوضاع خلال الشهرين الأخيرين، حيث بدأ معظم السوريين يلمسون آثار ما يحدث في البلد المجاور والاختناق الاقتصادي الذي يعيشه. وتضافر ذلك مع العوامل المتعلّقة بالإيداعات المصرفية والحوالات المالية والبضائع التي بات الوصول إليها صعباً بل شبه مستحيل. ليؤدي ذلك كله إلى انهيار سريع في قيمة العملة السورية، لم تتمكن أيه جهود حكومية من إيقافه أو الحد من تسارعه. حيث هبطت قيمة الليرة من 600 ليرة سورية أمام الدولار الواحد في شهر أيلول/سبتمبر الفائت إلى أكثر من 1000 ليرة أمام الدولار في الوقت الحالي "الأسبوع الثاني من 2020". أرقام لم تعرفها الليرة السورية من قبل على الإطلاق، وغلاء فاحش بات يطال كل شيء، وتدهور اقتصادي لم يعد بالإمكان تجميله أو إخفاؤه، الأمر الذي اعتاد المسؤولون الحكوميون عليه طيلة السنوات الفائتة.
[1] Url:
https://www.opendemocracy.net/ar/%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D9%86%D9%87%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D9%88%D8%A3-%D8%AF%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%87%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%A9/