This story [1] was originally published on OpenDemocracy.net/en/.
License: Creative Commons 4.0 - Attributions/No Derivities/
international.
--------------------------------------------------------------
ملّاحات أنفه في لبنان: قصة قطاع منتج ضحية الاقتصاد الريعي
By: []
Date: None
في مطلع الشهر الحالي يبدأ رسمياً موسم انتاج الملح في بلدة أنفه شمال لبنان وجمعه في آخر الموسم الّذي ينتهي عادةً عند بداية فصل الخريف، أي عند أوّل هطول المطر. إنتاج الملح محلياً في لبنان تعرّض لضربات متتالية أدت إلى تحييده كمصدر دعم للاقتصاد المحلي، من خلال سن قوانين وقرارت أثّرت بشكل مباشر على إنتاجه. ومع ذلك، هذا ليس هو العامّ الأوّل الّذي تعمل فيه فقط بضع ملاحات من أصل آلاف منها، غالبيتها في منطقة رأس النّاطور، شمال بلدة أنفه. إلا أن ما يميّز هذا العامّ عن سابقه، هو وجود أزمة اقتصادية حادّة في لبنان، دفعت البعض للتوجّه نحو قطاعات محلية مندثرة للتخفيف من وطأة الإفلاس الاقتصادي. ما يطرح السؤال، لماذا توقفّت ملّاحات أنفه عن العمل؟ وما هو وضعها الحاليّ؟ وما حال العاملين فيها؟
منذ انتهاء الحرب الأهليّة اللّبنانيّة في التسعينيات، تحوّل الاقتصاد اللّبناني الى اقتصادٍ ريعيّ. عدد كبير من القطاعات إمّا توقفّت تماماً عن الإنتاج، أو تحوّلت مع تحوّل طبيعة الاقتصاد وتغيّر بنية المجتمع الّذي أصبح مجتمع مستهلك وغير منتج. اليوم، واللّبنانييون على مشارف انقطاع مواد غذائيّة من الأسواق بسبب نقص الدولار وانخفاض القدرة الشرائية، فضلاً عن الارتفاع الخياليّ للأسعار تصدمنا حقيقة أن لبنان يستورد أدنى حاجاته اليومية، منها الملح، والذي يعد من أهمّ المواد الغذائيّة وأكثرها استهلاكاً في لبنان إذ تصل كميّة استهلاك الملح للفرد في لبنان إلى 3130 مغ يوميا بحسب دراسةٍ قامت بها الجامعة الأميركيّة في بيروت عام 2014.
بداية الموسم وأعمال الصيانة
ينذر شهر آذار/مارس ببداية فصل الربيع وانتهاء الفصل الماطر والعواصف التي يحملها. مع بداية هذا الشهر تبدأ أحواض الباطون على ساحل بلدة أنفه الشماليّة باستقبال عمّالها. مشهد قبّعات القشّ وجزمات الكاوتشوك لا يغفل على أي شخص يمرّ على الطريق الرئيسيّة بجانب هذه الأحواض التي تعرف بملاحات أنفه والتي تمتدّ لتشمل أكثر من مدينة على السّاحل الشماليّ الصخريّ في لبنان، إلّا أنّ ما تبقّى منها اليوم موجود فقط في شمال البلدة، إذ أنّ الملاحات التي قبعت يوماً ما في جنوبها اندثرت مع التلوّث الناتج عن شركات الترابة.
عماد، شابٌّ عشرينيّ، يعمل في أحد أحواض الملح، التقيت به عندما كنت أتجوّل بين ملّاحات رأس الناطور. كان عماد وأبيه يقومون بأولى أعمال الصيانة السنويّة لاستخراج الملح، وهي تنظيف الملاحات. عدد كبير من الملاحات أمامهم وأيام قليلة للعمل. يزيلون من الملّاحة ما خلّفته العواصف من مياهٍ ورواسبٍ طبيعيّةٍ. ثم يقومون بتكنيس الملّاحة قبل عرضها لبعض الوقت على أشعّة الشمس، حتى تجفّ أرضيتها وبالتّالي البدء بصيانتها. في زمنٍ مختلف، لكانت ستعجّ هذه الملّاحات بمنتجي الملح يتحضرون لبدء الموسم، إلّا أننا اليوم وعلى مساحة أكثر من 3 كم مربع من الملّاحات لا نرى إلّا عدداً قليلاً من المنتجين بعد أن أصبحت ملّاحاتهم مهدّدة وغير محمية من قبل الدولة، معظم ذلك بسبب مشروعٍ "سياحي" يتطلّب إزالة أغلبية الملّاحات وإبقاء على البعض منها لتثبيت عدم التعدّي على أيّ إرثٍ. لذلك، هؤلاء المنتجين اليوم غير مهتمين بالقيام بأعمال صيانة لملّاحاتهم، فإذا تقرر المضي بالمشروع، لا ضرورة لصيانة ما سيزال.
[1] Url:
https://www.opendemocracy.net/ar/%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D9%86%D9%81%D9%87-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D9%82%D8%B7%D8%A7%D8%B9-%D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AC-%D8%B6%D8%AD%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%8A%D8%B9%D9%8A/