This story [1] was originally published on OpenDemocracy.net/en/.
License: Creative Commons 4.0 - Attributions/No Derivities/
international.
--------------------------------------------------------------
حكومات تتآمر ضد العدالة الإنجابية للنساء
By: []
Date: None
في شهر تشرين الأوّل/اوكتوبر من عام 2020، قام ممثلّون حكوميّون عن أكثر من ثلاثين دولة –بينها الولايات المتّحدة الأميركيّة، البرازيل، بولندا ومصر- بتوقيعِ ما سُمّيَ بـ"بيان اتّفاقيّة جنيف المتعلّقة بتعزيز صحّة النّساء وتقوية الأسرة". وثيقةُ الاتّفاقيّة (غير المُلزِمة قانونًا) نصّت على أنّ "الحقّ بالإجهاضِ ليسَ دوليًّا"، كما روَّجَت للأُسرةِ باعتبارها "المُكوِّن الطبيعيّ والأساسيّ للمجتمع". تمّ انتقاد هذه الوثيقةِ بشدّة كونها المثال الأحدث عن الضّغط الدوليّ ضدّ حقوق النّساء.
إن بزوغ اليمين السّياسيّ القوي حديثًا في الولايات المتّحدة والبرازيل وبولندا الذي يُفضّل القِيَمَ المسيحيّة الأخلاقيّة التقليدية المحافظة، مع الدّفاع عن نموذج أُسريّ غير متجانس (يتمحور حول الشراكة بين جنسين مغايرين) (Heterocentric) ومع التّشكيك بالحقوق الإنجابيّة والجنسيّة، كانَ قد شَرّعَ الأبواب لإمكانيّة إقامة روابط جديدة بين هذا اليمين المحافِظ مع قِوى الإسلام السّياسيّ في البلدان الإسلاميّة. كما أنّ الطُرق المتشابهة التي تستخدمها قوى مسيحيّة وإسلاميّة معيّنة في توظيف الدّين – لبناء نموذج يدّعي الدّفاع عن حياة الإنسان وعن الأسرة – هي الأساس لتحالفٍ يُميّز نفسه عن المفاهيم المُهيمنة لحقوق الإنسان كما صيغت ودوفِع عنها في مُنتدياتٍ متعدّدة الأطراف للأُمم المُتّحدة ومنظّمة الصحّة العالميّة.
يكشف هذا التوافق الجديد في السياسة الخارجيّة عن التأثير الدوليّ المُتزايد للفصائل السياسيّة الدينيّة،ٍ رافعًا السّتار عن تحالفات غير متوقّعة بين الأخلاقيّات الكاثولوكيّة والإنجيليّة والإسلاميّة مجتمعةً في مجال العدالة الإنجابيّة مع هدفٍ رئيسيٍّ واحد: تقليص استقلاليّة النساء وقدرتهنّ على تقرير ما تردن لأجسادهن.
البرازيل: الأخلاقويّة الإنجيليّة
شَهِدت البرازيل في السنوات الأخيرة تمدّدًا قويًّا للقوى المُحافِظة وخاصّةً القوى الخمسينيّة الجديدة (Neo-Pentecostalism) في السياسات الحزبيّة. تُؤيّد تشكيلة الكونجرس النهوض بالأجندات المُناهِضة للعدالة الإنجابيّة: ما يقارب الـ40% من البرلمانيين البرازيلييّن يُعرَفون بأنّهم أعضاء في الجبهة البرلمانيّة الإنجيليّة (Frente Parlamentar Evangélica). تضمّ المجموعة سياسيين من أحزابٍ مختلفة –العديد منهم في الأصل قساوسة أو أساقفة أو ممّن يُغنّون الإنجيل- والذين يعارضون المساواة بين الجنسين والإجهاض والمثليّة الجنسية وما إلى ذلك.
بمجرّد الاعتراف بها كمدافعٍ عن عالميّة حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، جَعلَت البرازيل من مكافحة "الآيديولوجيا الجنسانيّة" مشروعًا رائدًا.
مع انتخاب الرئيس جايير بولسونارو عام 2018، تمكّن السياسيّون الخمسينيّون الجُدد من شغل مناصب مهمّة في الحكومة، كما القسّ الإنجيليّة داماريس ألفيس كوزيرة للمرّأة والأسرة وحقوق الإنسان. أثارت ألفيس في الآونةِ الأخيرة غضبًا عندما تدخّلت شخصيًّا في قضيّة فتاة تبلغ من العمر عشر سنوات سَعت إلى الإجهاض القانونيّ بعد أن اغتُصِبَت من قِبَلِ عمّها، حيثُ حشدت ألفيس مؤسّسات الدولة المختلفة لمحاولة منع الإجراء الطبيّ. كان لابدّ من نقل الفتاة في النهاية إلى دولةٍ أخرى لإجراء الإجهاض القانوني.
في السياسة الخارجيّة؛ أدّى انتخاب بولسونارو إلى تحوّل موقف البلاد 180 درجة. بمجرّد الاعتراف بها كمدافعٍ عن عالميّة حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، جَعلَت البرازيل من مكافحة "الآيديولوجيا الجنسانيّة" مشروعًا رائدًا، عزّزت بالتالي من علاقاتها مع المملكة العربيّة السعوديّة ومصر والعراق.
بولندا: الأصوليّة الدينيّة الكاثولوكيّة
بولندا لاعبٌ آخرٌ مهمّ في الوقوفِ الدوليّ ضدّ العدالة الإنجابيّة. ما عزّز سيطرة اليمين على الأجهزة السياسيّة الرئيسيّة في بولندا خلال 2019-2020 هو إعادة انتخاب المحافظ المُتشدّد أندريه دودا كرئيس بالإضافة إلى الأغلبيّة البرلمانيّة التي فاز بها حزب القانون والعدالة المحافظ الوطني (PiS).
العلاقة الوثيقة وطويلة الأمد بين الحكومة والكنيسة الكاثولوكيّة البولنديّة أصبحت واضحة بشكل متزايد في السنوات الأخيرة. إلى جانب حزب القانون والعدالة فإنّ مجموعة الضّغط القانونيّة أوردو يوريس ، مع كايا كوديك النّاشطة المناهِضة للإجهاض ورئيسة مؤسّسة الحياة والأسرة، يُشكّلان معًا الممثّلين الرئيسيّين لمناهضة "الاختيار".
تركّز تلك المنظّمات اليمينيّة المتطرّفة على قضايا مثل الطّلاق ومنع الحمل والإجهاض والتوجّهات الجنسيّة. يشغل خبراء أوردو يوريس –أو شَغَلوا سابقًا- مناصبًا حكوميّة بما في ذلك المحكمة العليا ووزارة الخارجية.
هذه المجموعات هي أيضًا جزء من شبكة عالميّة من المنظّمات المسيحيّة الأصوليّة والتي تتضمّن حركة سريّة لمبالغ ضخمة من المال بين البلدان الرئيسيّة بما في ذلك البرازيل وفرنسا وبولندا والولايات المتحدة. لدى أوردو يوريس على وجه الخصوص علاقات وثيقة مع حركة التقاليد والأسرة والمُلكيّة (Tradition, Family and Property) (TFP) في البرازيل.
يُعتبرُ امتلاك القدرة على التحكّم بالإجهاض هدفًا رئيسيًّا لهذه المجموعات وقضيّةً من القضايا الرئيسيّة للمجتمع المدنيّ في بولندا. في خضمّ هذه الجدالات يكمنُ جدال الإجهاض على أساس تشوّه الجنين (إجهاض تحسين النّسل) والذي يشكّل ما نسبته 98% من عمليّات الإجهاض القانونيّة في بولندا.
في تشرين الأوّل من عام 2020 صَنّفت واعتبرَت المحكمة الدستوريّة البولنديّة إجهاض تحسين النّسل بأنّه "ليسَ دستوريًّا"، وفي الشهر الأوّل من عام 2021 أصبح هذا التصنيف قانونًا؛ هكذا تمّ فرض حظر فعليّ على الإجهاض في البلاد.
مصر: الدولة والآداب العامة
أيضًا بالنسبة لمصر فقد ازداد تأثير وجهات النّظر المُحافظة والدينيّة على الأمور الجنسية والإنجابيّة في مرحلة ما بعد الاستعمار. احتوت الدساتير المصرية منذ عام 1923 على مواد تنصّ على أنّ الأسرة "المغايرة جنسيًّا" هي الوحدة الأساسية في تكوين المجتمع.
حافَظت الأنظمة المتعاقبة في مصر على هذا المفهوم، بما في ذلك مرحلة نظام عبد الناصر (1954-1970) ونظام السادات (1970-1981) كما نظام مبارك (1981-2011)، حيثُ تعتبرُ الشريعة الإسلاميّة مصدر تشريع الأمور الزوجيّة والخاصّة دون ترك مجال للمسارات الجنسيّة "غير المغايرة". بناء عليه، أصبح الجسد مسؤوليّة الدولة وليس الأفراد، وقد انعكس هذا على تجريم أيّة علاقات اجتماعيّة وجنسيّة لا تتوافق مع إطار الأسرة المغايِرة جنسيًّا.
الرّئيس المصريّ الحاليّ عبد الفتّاح السيسي، الجنرال السّابق ومدير المخابرات العسكريّة، قادَ انقلابًا عسكريًّا ضدّ الإخوان المسلمين عام 2013. يُقدّم نظام السيسي نفسهُ كبديلٍ "فاضل" عن الإخوان في محاولةٍ لإرضاء الأغلبيّة المحافظة في البلاد، وهذا يشمل الحدّ والتقليص من العدالة الإنجابيّة.
[1] Url:
https://www.opendemocracy.net/ar/%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%AA%D8%A2%D9%85%D8%B1-%D8%B6%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%AC%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%86%D8%B3%D8%A7%D8%A1/